قطعة من العقل

((في الجدار الأمامي معلق علم أمريكي ممزق داخل إطار لوحة))



ج (1) يقولون إن ضيفا آخر سينزل علينا.

ج (2) الحرب أم كثيرة الأولاد، يا صديقي تأبى الحرب إلا أن تضع مولودا كل ليلة.

ج (3) نريد أن ننام، إلا يوجد عندكم حديث آخر، كفانا خرابا، تتحدثون عن الحرب والجماجم والدماء حتى أن آلة الحرب والدمار سوف لن يجد مكانا أكثر ملائمة من هذه الغرفة اللعينة.... حرب.... حرب.... حرب، الحرب لغبائها التهمت الأجساد، وانتم بقنوطكم هذا منحتم اللغة عهدا لا تتمناه.

ج (4) كلكم أغبياء... إن الجاهل منكم ومن كان يمتهن.... الحرب لا تفرق بين شيطان وملاك.

ج (5) هس.... أظن أنهم قادمون....

.....((يدخل الطبيب والممرضون يحملون الجندي رقم ستة))....

الطبيب:- صباح الخير.

ح (3) لماذا لا تقول صباح الحرب يا دكتور...؟!.

الطبيب:- سيبقى على هذه الحالة لساعات وبعد ذلك سيبدأ بالهذيان.

...((يخرج الطبيب والممرضين من الغرفة))....

ح (5) صرنا ستة.... لم يعد في الغرفة مكانا لجريح آخر.... إذن عليهم تدبير غرف أخرى.... وهكذا سيجد البناؤون عملا إضافيا....

ح (1) والنجارون....

ح (2) باعة الأقمشة...

ح (3) سائقوا السيارات...

ح (4) والندابات....

ح (5) وحفاروا القبور أيضا، وهكذا حتى تكتمل المسيرة من خروج أمهاتكم حتى خروج الأرض... مسيرة عارمة كلكم تراب... إنها فلسفة التراب... صنعة الله المجيدة أنتم ترابيون الى الأبد...

ج (6) أين أنا... الخبز... التنور... أمي... المدينة... قذائف.. حلوى.... أبي أريد حلوى... دم دم.. أحمر شفاه أين أنا أريد ماء ماء أين زمزميني.

ح (1) ماذا يقول؟!.

ح (2) دعه... الله يتكفل بكل شيء.

ح (4) لماذا... من جاء بهذه السيرة... ألم نقل لا نريد كلاماً في الممنوعات.

ح (2) ولكنه الله... أنا لم أتحدث عن الشرطة... هل سمعتني أتحدث عن الشرطة

ح (3) أحمقان... الله والشرطة... تتشاجران في أمور لا تخصكما شيئان يقعان خارج هذه القاعة أما نحن فنسمى معوقو حرب ولا شيء غير ذلك أبدا.

-(( يدخل الطبيب والممرضين))-

الطبيب:- ها بدأت تفيق...

ج (6) أين أنا؟!...

ج (4) أنت هنا في مستشفى الحرب.

ج (6) الحرب يا دكتور عندما يشنها الكبار فليس على الفقراء أمثالنا سوى تحسس مؤخراتهم وأطرافهم.

الطبيب:- هذا أمر آخر... المهم إنك تتحدث فلتقل ما شئت تكلم عن الأرانب عن القياصرة المهم إنك تتكلم.

-(( يخرج الطبيب والممرضين))-

ح (3) تبدو حالته ميئوس عنها...

ح (1) ولكنه يتكلم..

ح (2) هكذا هم الفقراء... يتبارزون بالكلمات حين يستقبلون ملك الموت هذه مشيئة الجائعين...

ح (5) ومشيئة الأغنياء لا بد أنهم صامتون حتى وهم بجماع نسائهم..

ح (1) ما هذا الضجر, إن اللون الرمادي يشعرني بالدوار...

ح (2) لقد حان وقت الغداء هاهم أتوا إلينا...

-(( يدخل الممرضين ويعطونهم المرق))-

ح (6) ما هذا المرق.... هذا مرق حكومي، انه خليق بان يجعل رجل دين شاك في أمره.... بان يصدق إن الله موجود لا محالة وانه سيوزع السبات على الفقراء يوما ما....

ح (4) إن مرقهم هذا سيجعلنا براميل للكآبة.....

ح (3) وسيقودنا الى غابات هموم شاسعة.....

ح (1) علينا أن تبتكر أمرا ما كي نفتت هذا الملل القاتل....

ح (2) لنغني...

ح (3) اقترح اولمبياد من نوع أخر.....

ح (4) اولمبياد للمعوقين... ها ها..... فكرة هائلة....

ح (5) لماذا لا تصف لنا ما بجوارك....

ح (6) حسنا شرط أن تكونوا مستمعين جيدين وان تتصرفوا بأدب.... لا كجنود أفرج عنهم للتو...

ج (3) بما إننا غير قادرين على رفسك، فهذا خليق بان نكون مؤدبين... حين لا يسعنا استخدام أقدامنا فالضرورة تحكم أن نكون أرانب...

ح (2) أوصف لنا ما بجوارك.... ولكن دون تجبير....

ح (1) احذر، الرجل الذي يزور ما تعنيه النافذة، رجل سيء....

ح (6) أرى نساء ثخينات... ها.... هذه امرأة جميلة قمر يتمشى في الشارع... قطيع ماعز يردد أغنية حزينة. أطفال يكبرون وقت مرورهم قرب النافذة... سيارات تشبه الديناصورات.... أنبياء من ورق... عازف كمان متجول... بائع صحف يصرخ اشمئزاز معلب... بغي بعلك برجوازيا.... أبقار عنيدة لا تطيع صاحبها....

ح (4) حمار اخضر مثل دماغك الحشيشي...

ح (5) بسكويت معدني لفمك الواسع.....

ح (3) عريف على شكل ميدالية.... جنون.

ح (6) نعم.... هذا ما أرى... آه... اشعر بوجع شديد.... آه.....

ح (2) يا طبيب.... يا ممرض انه يتألم...

- ((يدخل الطبيب مع الممرضين))-

ح (6) ساعدني يا من تساعد كي أتخلص من... آه....

الطبيب:- كيف حالك.... ما هذا الدم انك تنزف....

ح (6) آه... إنها السماء آه...

الطبيب:- لقد مات، احملوه وجهزوا شهادة الوفاة بسرعة هيا.

الممرض:- حاضر دكتور....

- ((يخرجون وهم يحملون المريض الميت))-

ح (2) من سيكون مكانه...

ح (1) لا بد أن نطالب بأخر....

ج (3) سيأتي الكثير فلا تتعجلوا....

ج (5) يا ممرض.... أرجوك لحظة....

الممرض:- ماذا هل ناديتم علينا....

ج (5) نعم نريد أن يكون احدنا قرب النافذة رجاءً....

ح (4) أنا أريد أن أكون يا ممرض.....

- ((يدخل الممرضين يحملون المريض قرب النافذة)) –

ح (4) والآن سأحاول إكمال الرواية.... آه... ما هذا.... لا شيء...

ح (1) ماذا هنالك تكلم...

ح (4) انه جدارا من الاسمنت.... ولا ماعز... ولا سيارات ولا فتاة.... يا للمصيبة انه يهلوس....

الممرض:- يبدو إن زميلكم كان سحريا.... حتى انه حول الاسمنت إلى عالم سحري....

ج (1) يبدو أن الحرب جعلت عقله كذلك.... وا حسرتاه....